" و الان..النهاية تقترب و ها انا اواجه الستار الاخير يا صديقى..سأقولها بوضوح.. سأدلى بقولى الذى اما متأكد منه.." يتسيقظ وسط اكوام من الاوراق و الصور..
و بواقى طعام انتهت صلاحيته يبحث فى الظلام عن علبة سجائر شبه خاوية و يشعل سيجارة فى تلذذ واضح..
نافثا دخانها فى حجرة خالية من الهواء يبحث وسط اكوام الصور عن صورة بالابيض و الاسود لشاب يشبهه الا ان وجهه اكثر صرامة و عيناه اكثر حدة و حاجباه كثيفان للغاية يتذكر حديثه الطويل عن خيبة الامل التى صاحبت وجوده فى حياته و عن حلمه بالولد الذى يسنده و يتحمل عبء عمله من بعده ذلك الحلم الذى تحول الى رغبة حقيقية
فى فتاة تعطيه العذر الشرعى لعدم الاعتماد عليها يبتسم فى مرارة..
ثم يمرر السيجارة من خلال عين الرجل اليمنى..ثم اليسرى و ينظر فى نشوة الى بقية الصورة و هى تحترق..
"لقد عشت حياة مليئة و قد سافرت عبر كل الطرق السريعة و اكثر.. اكثر من ذلك لقد عشتها بطريقتى"
يجد صورة اخرى لهما معا يقوم بعمل زوم على وجهها ترتسم على وجهه نظرة خاوية و يحاول التذكر.. وجه ابيض بارد كالثلج..عينان زرقاوان فى لون البحر و لغة عربية ركيكة مع بعض الالفاظ الفرنسية التى لم تستطع نسيانها هكذا يتذكر امه..
"زجاجة النبيذ الباردة" كان اسمها فى اكثر كتاباته عبثية يتذكر حديثها عن الاتيكيت و عن ثيابه المبعثرة فى ارجاء الغرفة و عن ملابس الفتيات التى كانت تجدها فى غرفته احيانا فلم تكن تضايقها فكرة وجودهن.. و لكن ال"كركبة" التى تسببها اغراضهن هو ما كان يفقدها عقلها كان حديثها معه لا يزيد عن اوامر بتوضيب الغرفة
التى تشبه حظائر الخنازير الفرنسية و عن دهشتها من تعلقه بجيفارا بالرغم من وجود الجنرال ديجول و بعض الاسئلة المستهزئة عن اخر صديقة
و عما اذا كانت ستجد ملابسها فى حجرته فى الايام القادمة تهكمات و استهزاءات لا حد لها و المزيد و المزيد من الاسئلة.. علها تجد لديه موضوع مسلى
تخبره "لسيدها" كما كان يحب ان يدعو ابيه "هل انت سعيد؟" سؤال ابدا لم يطرأ الى ذهنها "الندم..لقد شعرت بقليل منه قليل لدرجة لا تذكر.. لقت فعلت ما كان يجب على ان افعل و رأيت كل ما يجب ان اراه.. لقد خططت لكل خطوة..و كل درجة صعدتها فى طريقى و اكثر..اكثر من هذا لقد عشتها بطريقتى"
يتذكر التناقضات التى تملأه فهو يريد ان يفعل كل ما يتمنى ..
و فى نفس الوقت ان يضمن دخول الجنة تلك الجنة التى اخبرته عنها مربيته الانجليزية فهى كانت ملحدة لكن فى نظره هى اكثر معرفة بالرب من اب يدعى التدين و قلبه اقسى من مصانع الرخام
التى تضمن لهم هذه المعيشة التى يمقتها كما يريد ان يمتلك قصرا احمر وسط حقول خضراء لا اخر لها و مع ذلك يريد ان يبقى شريفا ثم يتذكر قولها بانه خيب ظن ابيه فيه
و انها لا ترى فيه سوى شاب فاشل و انها كثيرا ما تتسائل هل انجبته من هذا الرجل فعلا
ام ان شيطان ما قد وضع بذرته بداخل رحمها؟ كم اراد ان يخبرها بأن الشيطان الحقيقي
هو الذى ينام بجوارها كل يوم..
و لكنه كان اجبن من ان يقولها..
"لقد احببت..ضحكت و بكيت و اخذت نصيبى من الخسارة و الان..عندما تتنحى دموعى..اجد كل هذا مسليا.. ان افكر فى اننى فعلت كل هذا و فعلته دون خجل..لا لا فلي انا من يخجل فأنا عشتها على طريقتى"
يتذكر اخته التى رفضوا تزويجها ممن تحب
فالحب فى نظرهم لعنة لا تصيب سوى من حرم نعمة المال و يوم قررت ان تنهى مأساتها بنفسها و رؤيته لها و هى تقفز من هذا البرج العالى الذى صنعه لهما ابيه ليكون الاكبر و الافخم بين قصور اصدقاؤه حبا فى التفاخر طبعا و ليس حبا فيه و اخته و عن شعوره بالعجز و توقفه عن الكلام من وقتها و حتى الان حتى انه لا يعرف هل اصبح بالفعل ابكم
ام اختار عقله الباطن ان يتوقف لسانه عن الكلام يرتدى بذلة ابيه يخرج باقى الصور يتجه الى الموقد يشعل النار..
" فماذا يكون الرجل.. و ماذا يملك ان لم يملك نفسه؟ ان يقول كلمات يشعر بها حقا و ليست كلمات شخص راكع فالتاريخ يشهد اننى جربت كل ما اردت و عشتها على طريقتى.."
يستيقظ الجيران على صوت مكتوم لا يعرفون له مصدر تظهر تحريات المباحث انها رصاصة خرجت من المسدس الشخصى لهذا الشاب الابكم..لتستقر بين حاجبيه الكثيفين..تماما
*****
* من اغنية "My Way" لفرانك سيناترا
هناك 18 تعليقًا:
اسلوب كتابة رائع كالعاده
ومؤلمة جداا :(
ربنا يخليكى يا صفا :)
بس انا شايفاها عنيفة اكتر ما هى مؤلمة
نورتينى :)
حلوة اوي ! هايلة بجد
هو اللى يعيشها بطريقته تكون النهاية هكذا ....هههههه
ياعينى على مامته
بجد نص جميل استمتعت بقرأته
حتى النهاية " العنيفة"
كملى يا ياسمين وان شاء الله
تحققين ما تصبو اليه
تحياتى
باحب قوي احساس الـ(الفلاش باك)
واللي عرفت توصليه جداااا ، خاصة بالتفاصيل الصغيرة جدااا اللي اهتميتي بيها..
"لقد خططت لكل خطوة..و كل درجة صعدتها فى طريقى و اكثر..اكثر من هذا
لقد عشتها بطريقتى"
عجبني قووووي الجزء ده...
(';' )
يابنتتي بطلي كتابهع بقي عماله تقطعي علينا في لقمه عيشنا
فاطمة..
يخليكى ليا يا رب :)
Sal
لا دا اللى ما عشهاش بطريقته فقرر ينهيها بطريقته..خليتنى اشرح مع انى ما بحبش اشرح اللى انا كاتباه :)
نورت و بجد سعيدة ان البوست عجبك :)
Timo
كويس ان البوست عجبك مع انه عنيف شويتين المرة دى :)
لكتر
ههههههههه هو احنا نيجى ايه جنبك بس؟!
ممتاااااااااازة و الله
تحفة تحفة تحفة
تسلمي يا جنة بجد بترفعوا من معنوياتى من روحى المعنوية :)
صعب على بجد كان ابن عز والزمن بهدله....الله يرحمه استريح ...حلو اوووي اسلوبك..انا اعتقدت انه حيولع في نفسه لانه سادي اوووي في حرق الصور...لكن اخد رصاصة مكتومة...بس ليه عملتيه ابكم؟ وحتى لو مش ابكم تمشي برضه
جميل يا ياسمين
اسلوبك بجد حلو كعادته ماشاء الله :)
سمسه تحياتي متميزة كالعادة.
أنا قرأت كتابك من وراء الزجاج وبعد قراءته ظل بجانب مخدتي كثيرا، لي ملاحظة واحدة ركزي أكثر في الكتابة على القصص القصيرة لديك موهبة لا جدال، وافصلي بينها وبين الخواطر.
أتذكر قول أحد أساتذة دار العلوم عندما طالب كل ذى موهبة أن يقرأ فنون كتابة القصة القصيرة التى كتبها الادباء القدماء مثل محمد تيمور ونجيب محفوظ ويحيى حقي وغادة السمان وغيرها من القصص القصيرة لموبسان، وادجار ألن بو وتشيخوف.
أرى أن "عزف منفرد ويوميات جميلة،ونصف يوم"بداية كاتبه واعدة، أتشرف دوما بصداقتها ورؤيتها على الطبيعة تنمو كما تنمو الياسمين على الاشجار نقية هادئة تضفى بعطرها الاخاذ هدية للغير
مع احترامي
تركيب
هو مش شرط يكون ابكم..ممكن يكون اختار بارادته انه ما يتكلمش..نورتنى
ريم..
تسلميلى حبيبتى :))
داليا
هو انا ما جربتش موضوع القصص دا غير من قريب..و بالنسبة للكتاب فانا لحد دلوقتى ما قريتوش..لكن عارفة بالتقريب ايه اللى فيه
يمكن هو كان صعب على محمد و احمد و هم بيختاروا المواضيع اللى هتتحك لان اغلبها كان اراء و مش هسميها خواطر عشان بحس انى دمى تقيل اوى لما بقول خواطرى دى :D
زى ما بقولك يمكن اغلب المواضيع كانت ارائى الشخصية اللى ما كانتش معمولة عشان تتنشر من الاساس
انا نفسي الاقى وقت اقرا والله..انا ابتديت فى يوتوبيا لاحمد خالد توفيق و سفينة نوح لخالد الخميسى و انا الملك جئت لبهاء طاهر و اسكندرية بيروت لنيرمين نزار لكن مش لاقية وقت اكملهم مع الاسف
متشكرة جدا يا داليا على كلامك فى حقى و ارائك اللى انا عارفة دايما انها صادقة و موضوعية
انا كمان اتمنى بجد اشوفك فى الحقيقة و فى اقرب وقت كمان :)
إرسال تعليق