الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

اعراض الفزع!

هناك مرض نفسي غامض وبسيط في الوقت نفسه

اسمه «نوبات الفزع»،

هناك مدارس تؤمن بعلاجه عن طريق المهدئات ومضادات الاكتئاب،

ومدارس أخري تؤمن - وأنا أؤيدها - بالعلاج المعرفي

القائم علي أن تتعرف علي المرض بنفسك

وتقضي عليه ببعض التمارين والحيل النفسية والأفكار المضادة،

لأنه في الأساس مرض عاطفي وليس مرضاً عضوياً،

وما بني علي العاطفة يجب التعامل معه بالعاطفة.

المرض شائع ولكن الكثيرين يجهلون أنهم مصابون به

ويتعاملون مع أعراضه باعتبارها أعراضاً لأمراض خطيرة،

الأمر الذي يدخلهم في حلقة مفرغة من التحاليل والفحوصات

والزيارات المتكررة لمعامل الأشعة والمستشفيات وعيادات الأطباء

.يسبق ظهور أعراض المرض انتكاسة عاطفية أو عصبية شديدة،

كأن يتعرض الشخص لصدمة ويقاوم الاستسلام لها

فيقاوم مشاعر الحزن والانهيار أو البكاء،

وهي كلها ردود أفعال مشروعة وطبيعية ومهمة

ولابد من حدوثها لتفريغ الشحنة العصبية المؤذية،

يؤدي التجاهل إلي تضخم الألم،

وكلما تجدد ظهوره يقوم الشخص بالتحايل عليه بالانغماس في العمل

أو تدخين المخدرات أو شرب الخمور أو تعاطي المهدئات

أو التجاهل السلبي علي أدني تقدير،

وفي لحظة ما تنفجر هذه الشحنة.

يشعر الشخص

بأنه علي وشك أن يموت أو أنه علي وشك أن يفقد عقله

ويصاب بالجنون، يشعر باختلال ما في رؤيته لما يحدث حوله

وربما يشعر بأنه يحلم أو في عالم موازٍ،

ترتبط هذه الأعراض ببرودة في الأطراف وضربات قلب سريعة

وصعوبة في ابتلاع الريق

وشعور بالدوخة وعدم القدرة علي التنفس بشكل طبيعي

وخفقان مؤلم في المعدة.

مشاعر وأعراض تقود الشخص إلي الإسراع إلي أقرب مستشفي

وهناك من يسرع إلي المسجد أو الكنيسة ليموت هناك،

هي مشاعر مؤلمة جداً تستمر من خمس دقائق إلي نصف ساعة.

إلي هنا انتهي الكلام عن الأعراض

التي قد تكون قد مرت بك أو بقريب لك،

والحقيقة أنني تعرضت لها في فترة من حياتي وأعرف أنها مشاعر مؤلمة،

ساعدني علي اجتيازها

أن هناك من أعرفهم يعانون من هذا الاضطراب،

الأمر الذي جعلني أفتش عن العلاج وهو بسيط للغاية وفعال جداً

بشهادتي وشهادة من ساعدتهم علي اجتيازه.

أولاً:

عندما تهاجمك الأعراض عليك ألا تتفاعل معها حتي لا تزيد وطأتها،

عليك ألا تستجيب لما يأمرك به عقلك،

فإذا طلب منك أن تغادر المكان الموجود به فلا تفعل،

إذا كنت جالساً وطلب منك أن تقف فلا تفعل،

إذا كنت في منتصف حوار مع شخص فلا تقطعه.

تجاهل الأعراض هو نصف العلاج،

فالرهبة التي تشعر بها تشبه الرهبة التي يشعر بها

شخص صعد إلي منصة

وأمسك بميكروفون ليتحدث إلي جماهير غفيرة،

في الدقائق الأولي سيعاني من الأعراض نفسها،

لكنه عندما يتوغل في إلقاء كلمته

ويعطيها تركيزه تختفي الأعراض تدريجياً.

ثانياً:

عليك أن تأخذ نفساً عميقاً ينفخ معدتك كبالون مع العد من 1 إلي 7،

احتفظ بالهواء بداخلها لثانيتين

ثم قم بتفريغه بالتدريج مع العد من1 إلي 7 أيضاً،

كررها عدة مرات حتي تزول الأعراض.

ثالثاً:

لا تستمع إلي ما تحدثك به نفسك،

فلو حدثتك بأنك ستموت الآن

تأكد أنك لن تموت بدليل أنك لم تمت عندما هاجمتك الأعراض من قبل،

وإذا حدثتك بأنك ستفقد وعيك الآن تأكد أنه لن يحدث؛

لأن فقدان الوعي يأتي فجأة

ولا يستغرق كل هذا الوقت الذي تنتظر فيه أن تسقط مغشياً عليك.

رابعاً:

لابد أن تعرف أن المسألة تحتاج إلي بعض التدريب وبعض الوقت والإيمان،

أما التدريب فهو أن تعرف أن مرضك وهم بنسبة كبيرة

وعليك أن تعامله بالمنطق نفسه،

درب نفسك علي أن توهم الأعراض بأنها كاذبة،

وبالوقت ستنجح في المهمة

وستختفي الرهبة تدريجياً كفيلم رعب تشاهده للمرة الألف،

أما الإيمان فهو أن تؤمن بأنك لن تموت إلا في الميعاد المحدد لك.

عمر طاهر